المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جواز التعمق بالطاعات والاستزادة منها



Don't play with me
19-10-2010, 12:26 AM
روى الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كان رجل من بني إسرائيل يقال له: جريج، يصلي، فجاءته أمه فدعته فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلي؟ ثم أتته فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته، فقالت امرأة: لأفتتن جريجًا، فتعرضت له، فكلمته فأبى، فأتت راعيًا فأمكنته من نفسها، فولدت غلامًا، فقالت: هو من جريج، فأتوه، وكسروا صومعته، وأنزلوه وسبوه، فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلامَ، فقال: مَن أبوك يا غلام؟ فقال: الراعي، قالوا: نبني صومعتك من ذهب!! قال: لا، إلا من طين)).

ومن الفوائد التربوية لهذه القصة:

أ- أنه لفت نظر السامعين إلى جواز التعمق بالطاعات والاستزادة منها، وأن جريجًا كان مشغولًا بصلاته لا يحب فراقها، حيث ورد في رواية أخرى للبخاري: ((أنها نادته ثلاث مرات، وفي كل مرة يقول: يا ربي، أمي وصلاتي؟!)). وفي هذا إشعار للمؤيدين بأن كثرة الصلاة تورث حلاوة الاستغراق تورث حلاوة الاستغراق بها، بحيث جعلته يفضل استمراره بالصلاة على إجابة أمه مع علمه بواجب بِرها.

ب- أن أن من فقه العابد أن يوازن بين طاعته لوالدته وعبادته، فبإمكان جريج إجابة أمه دون فوت الصلاة، وقد ذهب بعض الشافعية إلى جواز قطع الصلاة مطلقًا؛ لإجابة نداء الأم، حتى ولو كانت فرضًا. وقال النووي: إنها دعت عليه فأجيبت؛ لأنه كان يمكنه أن يخفف ويجيبها.

وورد أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءه رجل، فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ارجِعْ عليهما، فأضحكمها كما أبكيتهما)).

فمن فقه المسلم الملتزم أن يوازن بين احتياج الوالدين والأهل، وبين متطلبات العبادة حتى ولو كانت جهادًا في سبيل الله، ولا يغلب جانب العبادة والتفرغ للعمل للإسلام على بقية الجوانب الأخرى.

ج- فيه أيضًا الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب؛ لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدعو عليه إلا بما دعت به خاصةً، ولولا طلبها الرفق به لدعت بوقوع الفاحشة أو القتل، ويبدو أن أم جريج كانت ذكيةً بحيث أرادت أن تكون العقوبة من جنس العمل، فدعت عليه بالنظر في وجه المومسات، وهو أبغض شيئًا للعابد؛ نتيجة امتناعه عن النظر إلى وجه أمه، والله أعلم.

د- وفيه دعوة إلى قوة اليقين بالله والثقة به تعالى خاصةً؛ قياسًا بحالة جريج المذكورة وصحة رجائه؛ لأنه استنطق المولودَ مع كون العادة أنه لا ينطق، ولولا صحةُ رجائِهِ وتيقنه بنطقه ما استنطقه.

هـ- وفيه أن صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن، وأن الله تعالى يعصمه منها، وأن الشيطان لا سبيلَ له إليه، قال سبحانه: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (الحجر: 42).

و- وفي هذا الحديث بيان أن الله تعالى يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارجَ، وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات؛ تهذيبًا وزيادةً لهم في الثواب، وهذه الموعظة تربية للمؤمنين بأن الله تعالى معهم، وهو ناصرهم ومؤيدُهم ومولاهم، حتى لا يتسرب إلى نفوسهم اليأس، ويستحوذ عليهم القنوط، فليس شيء أقرب إلى المستحيل من أن ينطق مولود رضيع ليشهد ببراءة متهم، وها هو قد نطق، فعلام إذن يستحوذ اليأس والقنوط على بعض المسلمين مع أن الله تعالى لا يتخلف عن نصرة الصادقين منهم؟!

ز- وفي هذا توجيه إلى السامعين بالفزع عند الأمور المهمة إلى الله تعالى من خلال الصلاة، وطلب عونه وفرجه، وفيه ربط بين ما كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان إذا حزَبه أمر صلى، وبين خطر جريج الذي لجأ إلى الصلاة والدعاء؛ طالبًا تأييدَ الله تعالى.

ح- وفيه إشارة خفيفة إلى مكر النساء، واستعداد بعضهن للإغواء والفتنة، وإلصاق التهم بالأبرياء، مما يستدعي الابتعاد عن مواطن الشبهة والفتن، وقطع دابرها.

هذه أهم الجوانب التربوية المستفادَة من هذه القصة التي أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- توصيلها إلى أذهان السامعين من خلال روايتها لهم.

Don't play with me
19-10-2010, 11:44 AM
امين يارب
اتمنى ان تكونى استفدتى
من القصه شكراا لمرورك الغالى

Don't play with me
19-10-2010, 12:09 PM
امين يارب
شكراا لمرورك الغالى