المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جراحة المسالك البولية



sponge bob
07-02-2012, 10:25 PM
http://www.4u-medical.com/images/princ_rm_photo_of_urinary_tract_infection.jpg

عرف الأطباء والجراحون العرب تشريح الكلى والمسالك البولية ووظائفها ووصفوها في كتبهم، وقد أسهبوا في وصف التشريح والعمليات الجراحية المحدودة التي قاموا بإجرائها، وكفرع من الجراحة فقد نال هذا القسم أيضاً من التطور والإبداع الذي تناسب مع مستوى الثقافة والعلوم في ذلك الوقت.


1- التشريح: يصف ابن القف (العمدة في الجراحة) في الفصل الثامن والتاسع عشر تشريح الكليتين والمثانة(1) "أما الكليتين فإنها موضعتان على جنبي فقار الصلب، واليمنى أرفع من اليسرى حتى أنها ربما واحدة منهما قاربت زوائد الكبد. وجوهرها صلب ولونها أحمر وشكلها مستطيل، ولكل واحدة منهما تحديب يلي الصلب وتقعير من داخل ويفصل بكل واحدة منها شعبتان من الكبد أحداهما يأتي فيها غذائها والأخرى تنفذ فيها المائية. وهذا المجرى يسمى البربخ ولكل واحدة منهما مجرى آخر يتصل بالمثانة يسمى الحالب وهو أضيق من الأول ويتصل بكل واحدة منهما شعبة من الشريان يسمى الحالب وهو أضيق من الأول ويتصل بكل واحدة منهما شعبة من الشريان المستبطن بالصلب وعصبة من أعصاب النخاع على ما عرفت فهذه هيئة الكليتين".


ويلاحظ الخلط عند مقارنتها بالمعلومات الحديثة، فالكلية لا يصلها أي شعبة من الكبد لا ماء ولا غذاء كما أنه لم يذكر أي شيء عن التقسيم الداخلي للكلية. وعن المثانة يقول "المثانة عضو عصبي ذات طبقة واحدة ظاهرة للحسن صلبة الجوهر، منسجة من أصناف الشظايا الثالث وشكلها مستدير وعند اتصال الحالب بها لها طبقتان فإذا اتصل الحالب بالطبقة الخارجية دخل بينهما ثم اتصل بفم الطبقة الخارجية يقابله نفس الطبقة، وعند اتصال الحالب بها لحمية ما وغدد تولد رطوبة تسمى عند الأطباء المذى، وعلى فمها عضلة مستديرة تمنع خروج البول بغير إرادة وتتصل بها من نخاع العجز عصبة ومن الشرايين والأوردة المتحدة إلى الرجل شعب"(2).


وهو تشريح لا يقارن بالتشريح الحديث ثم يتحدث ابن القف في الفصل العشرون




عن تشريح الخصيتين والقضيب والجهاز التناسلي عند المرأة. ولا بد من توضيح أن المعلومات التشريحية ليست كافية ولعل هذا أعاق التقدم في جراحة المسالك البولية.


2- التشخيص: عرف الأطباء أهمية البول واستدلوا من أحواله وتغير صفاته أحوال الجسد يقول ابن سينا. "يستدل من البول في مقداره ورقته، ولونه، وما يخالطه، ومن حال العطش ومن حال الشهوة والجماع ومن حال الظهر وأوجاعه ومن حال الساقين ومن نفس الوجع ومن الملمس ومما يوافق وينافر، وأمراض الكلية قد يصحبها قلة البول وتفارق ما يسببها من أمراض الكبد بأن الشهوة لا تكون ساقطة كل السقوط ومن بال بولاً كثير الغبب فوقه، فيه علة في كلاه، وكذلك صاحب الرسوب اللحمي والشعري والكرسني النضيج، لأن النضيج من قبل الكلية، لكن النضج إذا كان شديداً جداً ومعه خلط من أشياء أخرى فأحدس أن العلة في المثانة وأن كان النضج دون ذلك في الكلية"(3).


ويستعرض ابن سينا في المقالة الثانية "الأوقات التي يعرض فيها البول ويذكر حرق البول وعسر البول واحتباسه وسلسلة ومن جملتها كثرته وتقطيره وديابيطس في جملة كثرته"(4) وقد وصف لها علاجات كثيرة ويذكر في فصل أمراض الكلية "الكلية قد يعرض لها أمراض المزاج ويعرض لها أمراض التركيب من صغير المقدار وكبره ومن السدة، ومن جملتها الحصاة وأمراض الاتصال مثل القروح والأكلة وانقطاع العروق وانتفاخها وكل ذلك يعرض لها أما في نفسها وأما في المجاري التي بينها وبين غيرها وذلك في العليل"(5).


ويتحدث ابن سينا أيضاً عن القثاطير واستعمالها في التبويل والزرق "يقول إذا لم تنجح الأدوية لم يكن بد من حيلة أخرى ومن استعمال القثاطير والمبولة وإياك أن تستعملها عند ورم المثانة أو في ضاغط لها قريب فإن إدخالها يورم ويزيد الوجع، وأجود القثاطير ما كان من ألين الأجساد وأقبلها للتثنية وقد يوجد جلود بعض حيوانات البحر وبعض جلود حيوانات البر، إذا دبغ دباغة ما ثم اتخذ منه آلة وألصقت بغراء الجب، وقد يتخذ من الأسرب والرصاص القلعي وهو جيد أيضاً.. ومع ذلك فإنه يشدد الرصاصتين وحينئذ يجب أن يكون رأسها صلباً مستديراً ويثقب فيها عدة ثقوب.. وقد يتخذ من




الفضة ومن سائر الأجساد وقد يعد جميع ذلك نحو حقن شيء به وقد يمكن أن يتخذ على نحو الحقنة المختارة التي ذكرناها في باب القولنج.. وأما استعمال هذه الآلة فأجوده أن يجلس العليل على طرف عصعصه منزعج المقعدة مضبوطاً من خلفن وقد طليت القثاطير بأدهان مناسبة فإذا استوى فيه قدر عقدة ينصب الذكر نصباً مستوياً كالقائم مع ميل إلى ناحية السرة. ثم يرفع في دفع القثاطير في مجرى المثانة قدر عقدة أو عقدتين"(6).


أي أن ابن سينا يشرح مادة القثاطير المستعملة وكيفية ادخالها بطريقة معاصرة تقريباً كما يشرح تكون الحقنة واستعمالها في التشخيص والعلاج وقد استعمل العرب المجسات Sounds في المسلك البولية لتوسيع مجرى البول.


ذكر التجاني الماحي في كتاب مقدمة في تاريخ الطب العربي نقداً عن طاشكبرى عن أحد أساتذته قال: "نبت لي ألم في مجرى البول حتى كدت أموت فعرضت ذلك على الأطباء فأمروا بقطع العضو، ثم ذهبت إلى ابن الذهبي فعرضت عليه حالي وقول الأطباء في قطعه قال: فحضك من قولهم ثم استدعى برصاص فعمل منه إبراً كثيرة بعضها أغلظ من بعض فجعل الدقيق أولاً ثم الأغلظ فالأغلظ، وما تم يوم وليلة حتى انفتح ثم أوصاني بأن لا أخلي العضو من أن أدخل فيه إبرة عظيمة غليظة من تلك الإبر مقدار سنة"(7) ويصف الزهراوي الحقنة الزراقة لحقن المثانة.


"إذا عرض في المثانة قرحة أو جمد فيها دم أو احتقن ثم وأردت أن تقطرا المياه والأدوية فيكون ذلك بآلة تسمى الزراقة وهذه صورتها تصنع من فضة أو من عاج مجوفة. لها أنبوبة طويلة على رقة الميل مجوفة كلها إلا الطرف فإنه مصمت فيه ثلاث ثقب اثنتان من جهة وواحدة من جهة أخرى كما ترى والموضع الأجوف الذي فيه المدفع يكون على قدر ما يسده بلا مزيد حتى إذا جربت به شيئا من الرطوبات انجذبت وإذا دفعت به اندفعت إلى بعد"(8).


ويصف أيضاً محقنة للمثانة تصنع من فضة أو أسبادورس رأسها الأعلى يشبه القمع الصغير وتحته حز يقع فيه الرباط(9).


3- الأعمالالجراحية: لم يجرؤ أحد في تلك الأيام أن يفتح الكلية في مريض، وعالجوا كل أمراضها بالوسائل التقليدية كالأعشاب والطلاءات، ولكن الأعضاء الظاهرة تم إجراء عمليات جراحية بها كالخصيتين والقضيب بالإضافة إلى المثانة.


أ- الطهور: الطهور عادة قديمة تعود إلى عبادات قديمة مثل عبادة الزهرة والقمر وغيرها وكان يقوم بإجرائها الكهنة أو مطهرين خاصين ولكن الطب العربي أدخلها ضمن الأعمال الجراحية التي يجب إجرائها من قبل الطبيب وقد أفرد لها أبواباً خاصة في كتب الطب والجراحة.


يقول ابن القف(10) في الفصل الواحد والعشرين من الجزء الثاني من كتاب العمدة "أما التطهير فيستعمل على وجوه أحدهما أن تجعل القلفة داخل المشقاص بحيث أن تصير الكمرة خارجة عن ذلك ثم تقطع بموس حاد. وثانيها أن تجعل شيء مستدير على قدر سعة جلدة القلفة داخل القلفة ويدفع بها الكمرة إلى داخل وتمسك الجلدة بقوة ثم تقطع.


وثالثها أن تربط القلفة بخيط ناعم بحيث أن تجعل الكمرة داخل الرباط فيدفع باليد ثم تقطع القلفة من دون الرباط.


ورابعها أن يجعل داخل القلفة مرود يدفع الكمرة ويمسك طرف القلفة ثم يجعل المشقاص على القلفة وهو ما بين الكمرة وطرف المرود ثم يقطع بموس حاد إلى الغاية ثم بعد هذا العمل جميعه أترك الكمرة تخرج واترك الدم يخرج ثم ذر على هذا الموضع رمادا وأجوده رماد القرع اليابس أو تذر على الموضع بعض الذرورات القاطعة للدم ويعصب الموضع ويترك حتى يجف ثم يدخل ثاني يوم الحمام ويطهر بماء حار حتى تخرج اللفافة ثم يعالج بعلاج الجراحات إلى حين يختم على الموضع ويبرأ".


ب- استخراج الحصاة: يتحدث ابن سينا(11) في فصل عن حصاة الكلية وسببها ثم يعرض فصلاً لعلاج الحصاة(12) "لنذكرها هنا المعالجات التي تكون للكلية خاصة والمشتركة بها مع حصاة المثانة، ثم نود لحصاة المثانة باباً منفرداً وعلاجات مفردة خاصة، والأعراض التي تقصدها الأطباء في علاج الحصاة، قطع مادتها ومنع تولدها




بقطع السبب وإصلاحه ثم تفتيتها وكسرها، وإزعاجها وإبانتها من متعلقها بالأدوية التي تفعل ذلك ثم إخراجها والتلطف فيه وترتيبه وذلك يتم بالأدوية المردة، أو بمعونات من الخارج. ثم تدبير وتسكين الأوجاع وإصلاح ما يعرف معها من قروح وقد يتصدى قوم لإخراجها من الشق بالخاصرة ومن الظهر وهو خطر عظيم وفعل من لا عقل له".


وشك أن تسلل الأفكار منطقي إلى أن يصل إلى شق الخاصرة والتي لم يصلنا عنه شيء ولعله إحدى العمليات المغامرة في تلك الأيام ولكن ذكرها يعني حدوثها، وهناك أدوية كثيرة مفتتة وأغذية خاصة لتجنب الحصاة ولتفتيتها.


ويتحدث الزهراوي عن تفتيت الحصاة بآلة رسمها واستعملها(13) لتفتيت الحصاة الكبيرة في المثانة ويقول ابن سينا(14):


"وإذا عسر البول أو احتبس بسبب حصاة المثانة ولم يكن سبيل إلى شق لحائل أو لجبن فمن الناس من يحتال فيشق فيما بين الشرج والخصي شقاً صغيراً، ويجعل فيه أنبوباً ليخرج به البول، فيدفع الموت وإن كان عبثاً غير هني، وإن لم تنجح الأدوية، وأريد الشق يجب أن يختار الشق من يعرف تشريح المثانة، ويعرف المواضع التي تتصل به من عنقها أوعية المني ويعرف موضع الشريان وموضع اللحمى من المثانة، ليتوقى ما يجب أن يتوقاه فلا تحدث آفة في النسل أو نزفاً للدم أو ناصوراً لم يلتحم ويجب أن يكمد المعي والمثانة قبل ذلك مشتعلاً ومع هذا الاشتعال بالشق خطر عظيم وأنا لا أذن به". ابن سينا يشرح كل شيء بالتفصيل ولكنه حذر جداً في العمليات ويتفق الجميع على عدة خطوات:


تحضير المريض للعملية:


أ- يحقن العليل وتنقى أمعاءه من جميع ما فيها.


ب- يجلس المريض في وضع وهو أن يهيأ كرسي يقعد عليه العليل ويحضر خادم يدخل يديه تحت ركبتيه ثم يدبر للشق.


يجس موضع الحصاة بالإصبع في المقعدة.


يتجنب الدرز ويكون الشق موارباً.


تخرج الحصاة بالملقط وإذا كانت كبيرة تفتت ثم تخرج.


يمكن شق القضيب إذا كانت به حصاة عالقة وقد وصفت الطريقة أيضاً.


علاج الجروح هو العلاج التقليدي ويراعى تقليل البول (والبول مؤذ جداً للمبطوطين ولذلك يجب أن لا يسقوا ماء كثيراً(15).


اخراج الحصاة في النساء يتم عن طريق الفرج كما ذكر الزهراوي(16) "فأمر القابلة أن تدخل إصبعها في فرج العليلة وتفتش على الحصاة بعد أن تضع يدها اليسرى على المثانة وتعصرها عصراً جيداً فإن وجدتها فينبغي أن تدرجها عن فم المثانة إلى أسفل مبلغ طافتها حتى تنتهي إلى أصل الفخد ثم تشق عليها عند قبالة نصف الفرج عند أصل الفخذ". ويقول سبرغل أن الزهراوي كان أول من عمل عملية استئصال حصاة المثانة عن طريق المهبل(17).


وصف كيفية اخراج الدم المتجمد من المثانة بعد العلمية. ووصف الزهراوي طريقة جديدة لتفتيت الحصى حيث يدخل مثقاب من خلال الأحليل وعندما يلامس الحصاة يدور حتى يكسر الحصاة إلى حصيات تخرج مع البول(18).


ج- في أحوال الخصيتين:


بعد أن يورد ابن سينا وصفاً تشريحياً دقيقاً للخصيتين والبربخ والأغشية الرقيقة التي تغطيها فإنه يصف أهمية الجماع والأغذية المغذية وأمراض المني والخصيتين ثم يذكر في أحوال هذه الأعضاء فيحدث عن أورام الخصية ويذكر علاجها حيث يذكر الأخصاء أي استئصال الخصية في حالة الأورام الحادة والخصية المتآكلة(19). ويذكر ابن القف استئصال الورم "وأما اللحمي فهو أن ينبت لحم في الأجسام المحيطة بالأنثين ويكون الورم في هذه الحال جاسيا وربما كان متحجراً أو تنبته أوجاع رديئة فإذا أريد علاجه بالحديد وكان أطباء اليونان يمنعون من هذه المعالجة خوفاً من هلاك العليل وأما الحدث منهم فإنهم يعالجون هذه العلة على هذه الصورة. وهو أن ينام العليل على ظهره ثم يشق الجلد المحيط بالخصيتين في موضع الدرن الوسط على ما وصفنا إلى أن يصل إلى الصفاق الذي بين الخصيتين فإن كان تولد اللحم على شيء من الانثيين فيشق الصفاق المحيط بها ويقطع اللحم الثابت جمعيه ثم ذر على الموضع بعض الذرورات القاطعة للدم ثم عالجه بعلاج القروح"(20). ويذكر ابن القف خمسة أنواع لتمدد جلد الخصية "القرو" وهي المائي واللحمي (ما ذكرناه) والمعائي والريحي وما معه الدوالي والمائي والمعائي أي الفتاق الأربي




وما معه الدوالي هو دوالي الخصية وقد وصفت الطريقة الجراحية لعلاج هذه الأنواع. يقول الزهراوي:


"ثم يشق بمبضع عريض حاد سقا موربا بحذاء الأوعية حتى تنكشف الأوعية ثم تسلخ من كل جهة كما ذكرت لك في سل الشريانات الذي في الأصداغ ثم تغرز فيها إبرة خيط متني وتربط في أول المواضع التي عرضت لها الدالية وتربطها أيضاً في آخرها. ثم تشق في الوسط شقاً قائماً على طول البدن وتخرج ما اجتمع فيها من الرطوبات المعكرة الفاسدة ثم تعالج الجرح بعلاج سائر الجراحات"(21).


وهذا الوصف لا يختلف كثيراً عنا يفعله الجراح المعاصر وقد ذكرنا في الجراحة العامة جراحة الفتق الأربي وأدرة المائية.


ويعرف ابن سينا أمراض القضيب وسرطانه وقروحه والجهاز التناسلي عن المرأة وأمراضه وعلاجه.


وقد عالج الرازي تضيق الأصليل بفتحة من العجان(22).







ملخص:-



عرف الأطباء والعرب تشريح الجهاز البولي والتناسلي للذكر والأنثى.


استخدموا القثاطير والزراقة والحبسات في التشخيص وعلاج أمراض المسالك البولية.


أجروا عمليات جراحية كثيرة منها الشق لإخراج الحصاة. بل لإخراج الحصاة بشق الظهر.


وصفوا الطهور بطريقة جراحية.


إخراج حصاة النساء عن طريق المهبل.


تفتيت الحصاة في المثانة عن طريق الشق العجاني أو عن طريق مثقاب من خلال الإعليل.

استأصلوا أورام الخصيتين والقضيب.