المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحد والتواصل



rwana
21-08-2014, 04:43 AM
التوحد والتواصل
Autism and Communication
ترجمة وتعليق/ عبد العزيز إبراهيم سليم

المحتويات:
o ما هو التوحد؟
o من الذي يتأثر بالتوحد؟
o كيف ينمو الكلام واللغة بطريقة طبيعية لدى التوحديين؟
o ما أسباب مشكلات اللغة والكلام لدى الأطفال التوحديين؟
o ما هي مشكلات التواصل في التوحد؟
o كيف يتعامل أخصائي علاج أمراض اللغة والكلام مع مشكلات اللغة والكلام لدى التوحديين؟


ما هو التوحد ؟ What Is Autism?
التوحد(الأوتيزم) اضطراب يصيب الدماغ يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة ويستمر خلال المراحل التالية حتى الرشد ويؤثر على ثلاثة مناطق مؤثرة في نمو الإنسان وهي: التواصل اللفظي وغير اللفظي، التفاعل الاجتماعي، اللعب الإبداعي أو اللعب التخيلي.
ويعد التوحد(الأوتيزم) من الاضطرابات النمائية الشائعة والتي تعرف باسم الاضطراب النمائي واسع الانتشار(PDDs) pervasive developmental disorders . وأول الإشارات أو العلامات الدالة على التوحد عند الطفل يمكن ملاحظتها عند سن ثلاث سنوات. والعديد من الأفراد التوحديين autistic أيضاً يعانون من الصرع، الخصائص الأخرى قد تتضمن السلوكيات التكرارية أو الطقوسية repetitive and ritualistic behaviors كالطيران أو الخفقان باليد والدوران والجري في دائرة، الخوف المفرط، إيذاء الذات مثل ضرب الرأس أو جرحها . العدوان، عدم الإحساس بالألم، ونوبات غضب واضطراب في النوم والأكل, والأفراد التوحديون يعيشون حياة طبيعية، لكنهم يحتاجون طوال حياتهم إلى رعاية وإشراف مستمرين.

ويعد ليو كانر أول من عرف التوحد(الأوتيزم) في عام 1943 عندما أجرى دراسة على عدد من الأطفال التوحديين(11 طفلاً) ، ففي بداية الأمر، كان يعتقد بان التوحد (الأوتيزم) اضطراب تعلق ينتج عن الأساليب الوالدية السيئة. وقد ثبت خطأ هذه المقولة ، بينما بقى السبب الحقيقي لغزاً ، ومعظم المختصين ينظرون إلى التوحد الآن على أنه اضطراب دماغي مما يسبب صعوبة للشخص في التعامل والاستجابة للعالم الخارجي. وقد أمكن ملاحظة التوحد(الأوتيزم) في عديد من أفراد الأسرة الواحدة. لذا يعتقد العديد من العلماء أن التوحد لدي بعض الأفراد قد يرجع منشأه للعوامل الوراثية وقد استطاع العلماء التعرف على بعض الجينات التي ربما تلعب دوراً في تطور التوحد(الأوتيزم) .

** - يعتبر التوحد"Autism"من الاضطرابات الصعبة والمعقدة، ويشتمل على جوانب عديدة من الضعف والنقص،أهمها الضعف في الجانب الاجتماعي والتواصل مع الآخرين ، وكذلك ظهور أنماط شاذة من السلوك،وعدم القدرة على اللعب بشكل مناسب،وهو غير معروف الأسباب، ويحدث نتيجة خلل وظيفي في الدماغ.
*** - ليو كانر Leo Kanner ولد دكتور ليو كانر في 13 يونيو 1894 وتوفي في الثالث من أبريل سنة 1981، وهو طبيب نفسي أمريكي من أصل نمساوي، وعرف بأعماله المرتبطة بمجال دراسات وبحوث التوحد (الأوتزم).

ما الفئات التي يمكن أن تصاب بالتوحد(الأوتيزم)؟
التوحد(الأوتيزم) أحد الاضطرابات النمائية واسعة الانتشار pervasive developmental disorders (PDD)، والتي يشار إليها الآن باستخدام توصيف جديد هو اضطرابات التوحد واسع النطاق أو واسع المجال autism spectrum disorders (ASD).. يمكن أن يصيب الأفراد من مختلف الجنسيات والخلفيات العرقية والمستويات الاقتصادية الاجتماعية. وتشير التقديرات الحالية أن حوالي 400,000 فرد في الولايات المتّحدة مصابون بالتوحد(الأوتيزم) ، وتزيد الإصابة به في الذكور عن الإناث بنسبة 3 أو 4 - 1 بنين إلى بنات. ويحدث التوحد (الأوتيزم) لدى كل الأفراد على مختلف مستويات الذكاء. فنجد أن حوالي 75% من الأطفال التوحديين يمتلكون ذكاءً منخفضاً أقل من المتوسط، بينما يوجد حوالي 10% منهم يظهرون ذكاء نوعياً مرتفعاً في مجال محدد كالرياضيات مثلاً.
كيف تنمو اللغة والكلام لدى الأطفال التوحديين(الأوتيزم)؟
تعد الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل هي أكثر سنوات الحياة تأثيراً في نمو اللغة والكلام وهي فترة تعرف بسرعة نمو الدماغ ونضجه، فيكتسب الطفل مهارات اللغة والكلام والتي تتمثل من خلال العالم الغني من حوله بالأصوات والمناظر، كما تنمو هذه المهارات أيضاً نتيجة الاستماع إلى اللغة والكلام من الآخرين. ويستهدف نمو وتطور مهارات اللغة والكلام في هذه المرحلة تحقيق التواصل أو التفاعل مع العالم الخارجي.
وتظهر أولى العلامات الدالة على التواصل بعد أيام قليلة من حياة الطفل عندما يتعلم الطفل أن بكاءه يجعل الآخرين يسرعون لإطعامه، أو لإراحته، أو لمرافقته. ويبدأ الأطفال الرضع في التعرف على الأصوات الهامة مثل أصوات أمهاتهم. ويبدؤون في ترتيب الأصوات أو(الفونيمات)" أو تجميعها لتكوين كلمات لغتهم. وقد أظهرت الأبحاث أن بحلول الـ 6 شهور الأولى من العمر يستطيع معظم الأطفال التعرف على الأصوات الأساسية في لغتهم.
كما تنضح مكانيزمات أو الأجزاء المسئولة عن الكلام مثل (الفكّ، الشفاه، اللسان، والحنجرة) كما ينضح الصوت، ويصبح الرضيع قادراً على السيطرة على الأصوات. وهذا السلوك يبدأ في الشهور القليلة الأولى من حياة الأطفال في الفترة المعروفة بفترة المناغاة أو الهديل"cooing," كما يشعر الطفل بالسرور والسعادة في هذه الفترة عندما يكرر الأصوات. وبحلول الشهور الـ6 الأولى من العمر يبدأ الأطفال في تكرار المقاطع الصوتية مثل " با، با ، با ، با" وسرعان ما تتحول إلى أصوات عديمة المعني يغلب عليها إيقاع الكلام الطبيعي ونغمته بيد أنها لا تحتوى على كلمات ذات معنى حقيقي. وعند نهاية سَنَتهم الأولى، يكون معظم الأطفال قادرين على نطق بعض الكلمات. بالرغم من أنهم لا يفهمون معنى هذه الكلمات. لكنهم قد يفهمون معناه فيما بعد نتيجة استجابة المحيطين لهذه الكلمات.
وبوصول الطفل سن الـ 18 شهراً يكون معظمهم قادرين على نطق ما يقرب من 8-10 كلمات. وبوصولهم سن سنتين يكون لديهم القدرة على وضع الكلمات معاً لتكون جملاً مثل " مزيداً من الحليب " "more milk." وخلال هذه الفترة سرعان ما يتعلم الأطفال ان الكلمات هي رموز أو تمثيل للموضوعات، والأحداث، والأفكار. وفي هذه السن أيضاً يظهرون القدرة على التمثيل أو اللعب الادعائي، وبوصولهم لسن 3، 4، 5 سنوات تزداد الحصيلة اللغوية لديهم، ويبدأ الطفل أو الطفلة في إتقان والتمكن من قواعد لغته الأصلية. وهذه القواعد تتضمن الجانب الصوتي phonology (أصوات الكلام speech sounds) الجانب الصرفي morphology (تشكيل الكلمات word formation) الجانب النحوي syntax (تشكيل الجمل sentence formation) الجانب الدلالي semantics (معني الكلمات والجمل word and sentence meaning) العروض prosody (نغمة وإيقاع الكلمات intonation and rhythm of speech) والجانب البرجماتي pragmatics (استخدام اللغة بفعالية pragmatics) .

** " الفونيمات (phonemes) هي وحدات لغوية صغيرة تجميعها معا يكون كلمات اللغة.

- ما هو سبب اضطراب اللغة والكلام في التوحد(الأوتيزم)؟
بالرغم من أن سبب اضطرابات اللغة والكلام في التوحد(الأوتيزم) مجهول. فإن العديد من المتخصصين يعتقدون أن هذه الاضطرابات تحدث نتيجة عوامل متعددة تحدث إما قبل أو أثناء أو بعد الولادة والتي تؤثر على نمو الدماغ. والذي يؤثر على قدرة الأفراد على تفسير ما يحدث بالعالم الخارجي والتفاعل معه. ويربط بعض العلماء بين نظرية العقل ومشكلات التواصل. أو إعاقة قدرة الطفل على التفكير حول الأفكار أو تخيل الحالة العقلية لفرد أخر. ويصاحب هذه الحالة اضطراب أو إعاقة في القدرة على الترميز أثناء محاولته اللعب أو التواصل.

- ما هي مشكلات التواصل في التوحد(الأوتيزم)؟
تتفاوت مشكلات التواصل لدى الأطفال التوحديين, وهذا يعتمد على النمو العقلي والاجتماعي لدى الأفراد. فقد يكون بعضهم غير قادر على الكلام، بينما نجد آخرين منهم لديه مفردات لغوية كثيرة وقادر على التحدث بعمق وبالتفصيل في موضوعات تهمه. وعلى الرغم من هذا الاختلاف فإن غالبية الأطفال التوحديينautistic children لديهم مشكلات قليلة أو قد لا توجد لديهم مشكلات في النطق، ومعظم المشكلات التي يعاني منها الأطفال التوحديون تتمثل في استخدام اللغة بفاعلية في المواقف الاجتماعية. كما أن معظم هؤلاء الأطفال أيضاً يعانون من مشكلات في معاني الكلمات والجمل وكذلك في الإيقاع والتنغيم.
كما أن هناك مجموعة من الأطفال التوحديين يتحدثون في غالب الأحيان بكلمات ليس لها محتوى أو معلومات. على سبيل المثال، الطفل التوحدي autistic child قد يعد مراراً وتكراراً من 1-5 وهو ما يطلق عليه المصاداةecholalia ، وهو عبارة عن تكرار الفرد لشيء ما سبق الاستماع إليه. ويستخدم الطفل نوعاً من المصاداة echolalia يطلق عليه المصاداة الفورية تظهر عندما يكرر الفرد السؤال عدة مرات، فمثلاً عندما تسأله : هل تريد شيئاً لتشربه؟ فبدلاً من ان يجيب بنعم أو لا يكرر نفس السؤال مرة أخرى.
بينما قد يستخدم آخرون عبارات ليست في مكانها الصحيح كأن يبدأ المحادثة مع أصدقائه أو أهله بقوله" اسمي توم". بينما يوجد أطفال توحديون آخرون يكررون عبارات مسموعة (هي كما يقال عنها أكليشيهات أو قوالب) مثل تلك التي يسمعونها أثناء الإعلانات التجارية بالتلفزيون تجارية. بينما هناك أطفال توحديون من ذوي الذكاء المرتفع يكونون قادرين على التحدث وبفهم عميق حول المواضيع التي تهمهم مثل التحدث عن الديناصورات، ومع ذلك يكونون غير قادرين على توظيف ذلك في محادثة تفاعلية أو تشاركية مع الآخرين حول تلك الموضوعات.

معظم الأفراد التوحديين autistic individuals لا يستطيعون عمل تواصل بصري كما أن قدرتهم على الانتباه ضعيفة. كما أنهم غير قادرين على استخدام الهاديات إما كوسائل أساسية في التواصل مثل لغة الإشارة او لمساعدتهم على التواصل غير اللفظي، مثل الإشارة إلى شيء يريدونه. بينما نجد بعض الأفراد التوحديين autistic individuals يتحدثون بصوت عالي النبرة أَو يتكلمون لغة شبه آلية. ويهملون أو لا يهتمون بكلام الآخرين وقد لايردون عندما تناديهم بأسمائهم. ونتيجة ذلك، يعتقد البعض خطأً أنهم يعانون من مشكلات في السمع. كما يجد الأفراد التوحديون autistic individuals صعوبة في استخدام الضمائر. على سبيل المثال، إذا سألت أحد الأطفال التوحديين" هل تلبس قميص أحمر اللون اليوم؟" فبدلاً من ان يجيب بنعم أو لا أو يرد يقول نعم أنا ارتدي قميص أحمر اللون اليوم. تجده يرد عليك نفس السؤال فيقول" أنت تلبس قميص أحمر اللون اليوم؟"
بالنسبة لكثير من الأطفال التوحديين، نجدهم يطورون مهارات اللغة والكلام، لكنهم لا يصلون إلى مستوى القدرة الطبيعية لدى الأفراد العاديين. على سبيل المثال، تطور المفردات اللغوية قد يكون سريعاً في بعض المناطق فنجد أن الكثير منهم قد يكون لديه قدرة كبيرة على تذكر المعلومات التي سمعها أو رآها فقط. بينما نجد البعض قد يكون قادراً على قراءة الكلمات بصورة جيدة قبل عمر الخمس سنوات لكنه لا يستطيع ان يظهر فهمه لما يقرأه. بينما توجد فئة أخرى منهم يمتلكون موهبة موسيقية أو قدرة متقدمة في أداء العلميات الرياضية. حوالي 10% تقريباً منهم يظهرون مهارات فائقة "savant" أو قدرة عالية في مناطق محددة مثل القدرة الحسابية، أو القدرة الموسيقية، أَو الرياضيات.

- كيف يمكن علاج اضطرابات اللغة والكلام في التوحد؟
عندما يشك الطبيب في وجود التوحد أو أي عجز نمائي آخر عند الطفل فإنه يحيله إلى فريق من المتخصصين؛ يتضمن أخصائي علاج اضطرابات اللغة والكلام، والذي يقوم بعمل تقييم شامل لقدرة الطفل على التواصل ويقومك بتصميم وإدارة برنامج علاج خاص بهذا الطفل.
لا توجد طريقة علاج يمكن ان تحسن بنجاح التواصل لدى كل الأفراد التوحديين. ومن الأفضل ان يبدأ التدخل مبكراً أثناء سنوات ما قبل المدرسة، كما يجب أن يكون البرنامج مخطط ومصمم بصورة فردية، ويجب أن يستهدف كلاً من السلوك والتواصل، ويتضمن كذلك الآباء أَو مقدمي الرعاية الأساسيين. ويجب أن يستهدف العلاج تحسين التواصل الوظيفي، فبالنسبة للبعض، قد يكون التركيز على التواصل في مواقف واقعية بينما يمكن ان نركز مع آخرين على التواصل الإشاري، بينما يمكن ان نستخدم مع آخرين نظام التواصل الرمزي مثل لوحة الصور. كما يجب أن تتضمن الخطة العلاجية فترات تقييم دقيق ومتعمق من قبل متخصص في تقييم وعلاج اضطرابات اللغة والكلام، كما قد يشترك المعالجون الآخرون لتدريب الفرد على خفض السلوك غير المرغوب فيه الذي قد يؤثر على تطور مهارات التواصل.
وفيما يتعلق بالبرامج العلاجية التي يجب أن تقدم للأطفال التوحديين نجد أن هناك بعض المتخصصين يرحبون بتنظيم برامج علاجية سلوكية تقوم على تعديل السلوك ، بينما يرى آخرون أن العلاج المنزلي أو بالمنزل يجب ان يكون هو القاعدة أو الأساس لأنه يعتمد على تدريب هؤلاء الأطفال على التصرف في مواقف حقيقية. بينما يؤيد البعض المداخل الأخرى كالعلاج بالموسيقى والعلاج المعتمد على التكامل الحسي، والذي يعمل على تحسين قدرة الطفل على الاستجابة للمثيرات الحسية وهو يبدو مفيد جداً لبعض الأطفال التوحديين لتنمية قدرتهم على الاستجابة للمثيرات الخارجية.
كما أن استخدام بعض الأدوية قد يحسن من قدرة الطفل على الانتباه لفترات أطول أو قد تساعد على خفض بعض السلوكيات غير المرغوب فيها مثل خفقان اليد ، لكن الاستعمال طويل المدى لهذه الأدوية قد يكون له آثار جانبية خطيرة لذا يجب ان تعطى هذه الأدوية تحت إشراف مباشر من قبل الطبيب المختص. ولا توجد أدوية حتى الآن يمكنها أن تعمل على تحسين التواصل لدى هؤلاء الأفرادautistic. كما يمكن استخدام الفيتامينات والأطعمة الخاصة وكذلك العلاج بالتحليل النفسي لكن حتى الآن لم يثبت البحث مدى فعاليتها.

--------
هذه المقالة متاحة على الموقع التالي: http://www.nidcd.nih.gov/health/voice/autism.htm
- - ترجمة وتعليق/ عبد العزيز إبراهيم سليم. قسم علم النفس ، كلية التربية بدمنهور، جامعة الإسكن