الإعلام بين الواقع والمأمول
الإعلام بين الواقع والمأمول
*****
وسط صراعات الحياة التي نعيشها الآن يحتل الإعلام جزءً هاماً في واقعنا يؤثر في حياة الكثيرين منا تأثيراُ بالغاً ولو نظرنا لما يجب أن يكون عليه حال الإعلام فالمأمول أن يكون هو الدليل لفعل الصواب وترك الخطأ وأن يكون العلاج لكل داءٍ و سقم والوقاية من فيروسات الحياة والطريق إلى الفلاح وطوق النجاة.
ولكن الواقع غير ذلك فالإعلام أصبح لا يؤدي الدور المرغوب به وإنما أصبح بدرجة كبيرة السم الزعاف الذي يفتت العقول والقلوب.
إن العلاقة بين الواقع والإعلام علاقة وطيدة جداً حيث يؤثر ويتأثر كلاً منهما بالآخر..
وهنا سؤال يطرح نفسه : هل الإعلام من الواقع أم الواقع من الإعلام؟؟
إن كان الإعلام يعكس صورة الواقع فلابد الحذر من عدة أمور أهمها المجاهرة بسوء أحوال البعض فيكتسبها البعض الآخر وتأتي النتيجة عكسية تماماً حيث الهدف هو علاج تلك الأحوال السيئة ولكن الناتج هو ترويج لتلك الأفعال .. هذا في حالة أن الاعلام يعكس الواقع وينقله للجميع سواء ينقله كما هو أو يزيد عليه أو ينقص منه.
وإن كان الواقع مكتسب من الإعلام والإعلام هو مصدر الواقع (وهو ما يوجد بنسبة كبيرة) إذن وجب الحرص والرقابة على الإعلام بطريقة أكبر وإلا فعلى الدنيا السلام في ظل ما نراه من الإعلام في هذا الزمان .
في كل الحالات الإعلام مدان .. ومطالب بالحذر الشديد .. لأنه سلاح ذو حدين إما نافع ومفيد أو مدمر وخطير، فأحياناً يتحول الإعلام إلى غزو فكري شامل ولا حاجة لنا لتوضيح ذلك فالكل يشاهد ويرى أو حتى يسمع فقط.
نقطة خطيرة جداً باتت تؤثر في مسار الإعلام العربي فقد أصبح وسيلة لنقل المستحدثات وأخطرها من الإعلام الغربي دون الاهتمام أو النظر لعواقب تلك الأمور حيث يعد التشبه بما يفعله الغرب في الإعلام (من وجهة نظر البعض) دليلاً على تقدم الإعلام العربي إن قام بمحاكاة التطورات في محتوى ومضمون ما يقدمه أو طرق تقديمه.. وتجد من يحرص من العاملين بالسينما والتليفزيون على تبادل الخبرات ليس فقط في مجال تكنولوجيا الإعلام وإنما فيما يناقشه ويقدمه الإعلام نفسه .. وعلى سبيل المثال : الانحلال وسوء الخلق في المسلسلات والأفلام وخلافه ..
ويعيد السؤال نفسه .. هل الإعلام وما يقدمه من مسلسلات وأفلام سامة هو نقل لما يحدث على أرض الواقع ؟؟ ..
لنفرض هذا .. فإن كان يحدث ذلك لدى نصف المشاهدين فهناك احتمال بأن يكتسب النصف الآخر ما يشاهده .. هذه هي وظيفة الإعلام أن يخبر من لا يعلم ومن لا يفعل بما يعلمه ويفعله الآخرون .. فإما أن يتجنب الطرف المشاهد ما يشاهده وإما يفعله .. والخطر هنا أن تتبدل الأحوال كما يحدث بالفعل .. ونفعل ما يجب تركه ونترك ما يجب فعله.
موضوع هام جداً وليس بهين ولن نستطيع حصره في القليل من السطور ولكن لتكن خطوة في طريق الاهتمام بأمر الإعلام والانتباه لما يخصه.
ونسأل الله أن يهدينا إلى ما فيه الخير ويجنبا الشر.
