بسم الله الرحمن الرحيم
خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها )
ان بيت النبوة من اجل البيوت واطهرها , وان كان لنا في رسول الله اسوة حسنة فلنا في حياته وفي بيته وسط اسرته
النصيب الاكبر منها , تلك الحياة التي انشئت على طاعة الله , فكانت نساءه توفرن له حياة هنيئة ,وجوا ايمانيا صافيا ,
ويحملن معه هم الدعوة , ويسعين الى ايصالها الى الناس , فاكرمهن الله تعالى وجعلهن امهات للمؤمنين ,
قال سبحانه وتعالى :-
( النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم )
الاحزاب 6
ولنا في ام المؤمنين خديجة بنت خويلد عبر كثيرة , وحياة يحتذى بها , ففي عهدها بعث النبي (صلى الله عليه وسلم )
رحمة للعالمين , وفي عهدها تنزل عليه الوحي , فساندته وآزرته وصدقته وآمنت به حين كذبه الناس , ووفرت له
الصفاء والسكينة , وكانت خير معين له .
لله درها من ام يقتدى بها ! لله ما اعظم اجرها !! انها بحق سيدة نساء العالمين .
نسبها
كان والدها سيد قومه وعشيرته , يطيعونه ويهابونه , ويحترمون رأيه ويقدرونه .
ولقد حفظت قريش له شجاعته عندما تصدى لتيع ( ملك اليمن ) حين اراد ان يحمل معه
( الحجر الاسود ) الى بلاده فمنعه من ذلك , فنصبته قريش عليها زعيما , لا ينازعه في ذلك احد .
وكان له اخ اسمه ورقة اشتهر بين الناس بالحكمة وسداد الرأي , وهو احد اربعة خاصموا قريشا في وثنيتها وعبادتها
للاصنام , ولما لم تستجب لهم اعتزلوها وما تعبد من دون الله .
ولادتها
تزوج خويلد من فاطمة بنت زائده بن الاحم , القرشية , اجمل سيدات مكة , واكثرهن صباحة وجه ,
وروعة حسن , فولدت له خديجة (رضي الله عنها ) قبل عام الفيل بخمسة عشر عاما تقريبا فكانت
صورة عن والدتها , كما ورثت عن والدها خويلد الحزم والذكاء , واكتسبت من ابن عمها ورقة العلم والحكمة
نشأتها
نشأت خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها ) في بيت طاهر طيب الاعراق .
وعن زواجها يقول الزهري : تزوجت خديجة بنت خويلد بن اسد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
رجلين الاول منهما عتيق بن عايذ .. فولدت له جاريه وهي ام محمد بن صيفي المخزومي , ثم خلف على خديجة
بعد عتيق بن عايذ ابو هالة التميمي وهو من بني اسد بن عمر فولدت له هاله وهند .
ولما توفيا الواحد بعد الاخر انصرفت الى تربية اولادها وكانت معروفة بين القاصي والداني بلقبي
( الطاهرة ) و ( سيدة قريش )
في ميدان التجارة
لقد عملت خديجة بنت خويلد ( رضي الله عنها ) في ميدان التجارة , واستطاعت ان تؤسس في مكة
بيتا ماليا ضخما , اصبح من بعد علما عليها , يعرف بها , ورحلت قوافلها تمضي مصعدة الى الشام ,
او هابطة الى اليمن , تحمل من الاسواق ما يدر عليها الربح الوفير والمال الكثير ؟
الامين على تجارة خديجة
قال ابن اسحاق ( كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال , تستأجر الرجال في مالها تضاربهم
اياه بشيء تجعله لهم منه , فلما بلغها عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما بلغها , من صدق حديثه ,
وعظم امانته , وكرم اخلاقه , بعثت اليه , وعرضت عليه ان يخرج بمالها الى الشام تاجرا , وتعطيه افضل ماكانت
تعطي غيره من التجار , مع غلام يقال له ميسرة )
وعن نفيسة بنت منية قالت
( لما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه سلم ) خمسة وعشرين سنة , وليس له بمكة اسم الا الامين لما تكامل
فيه من خصال الخير , قال ايو طالب : يا ابن اخي انا رجل لا مال لي , وقد اشتد الزمان علينا , والحت علينا سيول منكرة ,
وليست لنا مادة ولا تجارة , وهذه عير قومك قد حضر خروجها الى الشام , وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك
في عيرها , فيتجرون لها في مالها , ويصيبون منافع , فلو جئتها وعرضت نفسك عليها لاسرعت اليك وفضلتك
على غيرك لما بلغها عنك من طهارتك , وان كنت اكره ان تأتي الشام , واخاف عليك من اليهود , ولكن لا نجد من ذلك بدا ,
ولكن غلب على النبي حياؤه وعزة نفسه , فقال لعمه ابي طالب : لعلها ترسل الي في ذلك ,
فقال ابو طالب : اخاف ان تولي غيرك فتطلب الامر مدبرا - اي لا تفوتك الفرصة -فافترقا .
وبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له , وبلغها قبل ذلك ما كان من صدق حديثه وعظم امانته فقالت :-
ما علمت انه يريد هذا , ثم ارسلت اليه فقالت : انه دعاني الى البعث اليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم
امانتك , وكرم اخلاقك , وانا اعطيك ضعف ما اعطي رجلا من قومك . ففعل عليه الصلاة والسلام ثم لقي عمه
ابا طالب فذكر له ذلك فقال : ان هذا لرزق ساقه الله اليك .
لكن ابا طالب كان شديد القلق على ابن اخيه الذي كان قد وصاه به خيرا الراهب بحيرا , فاتى الى ميسرة غلام
خديجة يوصيه بمحمد صلى الله عليه وسلم . وازاء ذلك تركز اهتمام ميسرة على محمد صلى الله عليه وسلم
يراقبه ويرعاه تنفيذا لوصية عمه ابي طالب , ولقد رأى ميسرة من امر محمد العجب العجاب :-
شخصيه خارقة , وخلق دمث , وكلمة متزنه , ومشية كلها وقار , وحيث كله عذوبة , وامانة ما بعدها امانة
وصدق بالغ , وحنكة ودراية بعجز عنها فحول التجار .
ورأى ما لا يمكن ان يستهان به , او يمر به مرور الكرام !!!
راى السماء تظله بظلها حين يشتد لهب الشمس , وغمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من القيظ الشديد
وعندما آوى مرة الى شجرة ليستريح في بعض ظلها ... اورقت ... واخضرت وزهت .
لقد كان ما يراه ميسرة من امر محمد صلى الله عليه وسلم غير مألوف بالنسبة الى الناس ,
فازداد حرصه عليه ورعايته له , في الحل والترحال ,
يتبع
ان شاء الله
مواقع النشر انشر موضوعك وهاتلو زوار