السياسة الشرعية

اخوة الاسلام


السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة


اهلا و مرحبا بكم في سلسلة جديدة


السياسة الشرعية




جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :


للسّياسة في اللّغة معنيان :


الأوّل : فعل السّائس . وهو من يقوم على الدّوابّ ، ويروّضها . يقال : ساس الدّابّة يسوسها سياسةً .


الثّاني : القيام على الشّيء بما يصلحه . يقال : ساس الأمر سياسةً : إذا دبّره .

وساس الوالي الرّعيّة : أمرهم ، ونهاهم ، وتولّى قيادتهم .

وعلى ذلك فإنّ السّياسة في اللّغة تدلّ على التّدبير ، والإصلاح ، والتّربية .


وفي الاصطلاح تأتي لمعان :


منها : الأوّل : معنًى عامّ يتّصل بالدّولة ، والسّلطة . فيقال : هي استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطّريق المنجّي في العاجل والآجل ، وتدبير أمورهم .




وقال البجيرميّ :

السّياسة :

إصلاح أمور الرّعيّة ، وتدبير أمورهم . وقد أطلق العلماء على السّياسة اسم : " الأحكام السّلطانيّة " أو " السّياسة الشّرعيّة " ، أو " السّياسة المدنيّة " . ولمّا كانت السّياسة بهذا المعنى أساس الحكم ، لذلك سمّيت أفعال رؤساء الدّول ، وما يتّصل بالسّلطة " سياسة " وقيل : بأنّ الإمامة الكبرى - رئاسة الدّولة - موضوعة لخلافة النّبوّة في حراسة الدّين ، وسياسة الدّنيا .


وعلى ذلك فإنّ علم السّياسة :

" هو العلم الّذي يعرف منه أنواع الرّياسات ، والسّياسات الاجتماعيّة والمدنيّة ، وأحوالها : من أحوال السّلاطين ، والملوك ، والأمراء ، وأهل الاحتساب ، والقضاء والعلماء ، وزعماء الأموال ، ووكلاء بيت المال ، ومن يجري مجراهم.



وموضوعه المراتب المدنيّة ، وأحكامها ، والسّياسة بهذا المعنى فرع من الحكمة العمليّة . ولعلّ أقدم نصّ وردت فيه كلمة " السّياسة " بالمعنى المتعلّق بالحكم ، وهو قول عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعريّ في وصف معاوية - رضي الله عنهم - : " إنّي وجدته وليّ الخليفة المظلوم ، والطّالب بدمه ، الحسن السّياسة ، الحسن التّدبير " .

المعنى الثّاني : يتّصل بالعقوبة ، وهو أنّ السّياسة : " فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها ، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئيّ " .



الحكم التّكليفيّ :


ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّ للسّلطان سلوك السّياسة في تدبير أمور النّاس وتقويم العوج ،وفق معايير وضوابط يأتي بيانها ، ولا تقف السّياسة على ما نطق به الشّرع. قال الحنفيّة : السّياسة داخلة تحت قواعد الشّرع ، وإن لم ينصّ عليها بخصوصها ، فإنّ مدار الشّريعة - بعد قواعد الإيمان - على حسم موادّ الفساد لبقاء العالم .



وقال القرافيّ من المالكيّة :

إنّ التّوسعة على الحكّام في الأحكام السّياسيّة ليس مخالفًا للشّرع، بل تشهد له الأدلّة ، وتشهد له القواعد ، ومن أهمّها كثرة الفساد ، وانتشاره ، والمصلحة المرسلة الّتي قال بها مالك ، وجمع من العلماء .



وقال أبو الوفاء بن عقيل من الحنابلة :

للسّلطان سلوك السّياسة ، وهو الحزم عندنا ، ولا يخلو من القول فيه إمام .

ولا تقف السّياسة على ما نطق به الشّرع .

إذ الخلفاء الرّاشدون - رضي الله عنهم - قد قتلوا ، ومثّلوا ، وحرقوا المصاحف .

ونفى عمر ، نصر بن حجّاج ، خوف فتنة النّساء .

واعتبروا ذلك من المصالح المرسلة .


وقد حذّر ابن القيّم من إفراط مَنْ منع الأخذ بالسّياسة ، مكتفياً بما جاءت به النّصوص ، وتفريط من ظنّ أنّ الأخذ بها يبيح لوليّ الأمر فرض ما يراه من عقوبة على هواه ..

ثمّ قال : وكلا الطّائفتين أُتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث اللّه به رسوله ، وأنزل به كتابه . فإنّ اللّه سبحانه أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم النّاس بالقسط ، وهو العدل الّذي قامت به الأرض والسّموات . فإن ظهرت أمارات العدل ، وأسفر وجهه بأيّ طريق كان ، فثمّ شرع اللّه ودينه ، فأيّ طريق استخرج بها العدل ، والقسط ، فهي من الدّين .



وأمّا الشّافعيّة فقد ذهبوا إلى أنّ السّياسة يجب أن تكون في
حدود الشّريعة ، لا تتعدّاها .
حتّى قالوا : لا سياسة إلاّ ما وافق الشّرع . وبذلك كانوا أبعد النّاس عن الأخذ بالسّياسة بالمعنى المراد عند الجمهور وهو عدم الاقتصار على ما وردت به نصوص بخصوصه .