روحي عبدات

تعتبر عملية تعليم المعاقين عقلياً من الأمور الشاقة لدى الكثير من المعلمين العاملين في مجال التربية الخاصة. ولعل ذلك يرجع إلى عدم تمكن هؤلاء المعلمين من استخدام أنسب أساليب التعليم القائمة على المبادئ المستخلصة من نظريات التعلم، وكذلك القائمة على الفهم السليم لخصائص الطلاب المعرفية والاجتماعية والنفسية.
وقد أكدت نتائج البحوث أن انخفاض الأداء الوظيفي للمعاقين عقلياً في مواقف التعلم المختلفة يرجع إلى عدم توفير الفرص التعليمية المناسبة والصحيحة لهم من قبل من يقوم بتعليمهم، ولهذا أصحاب علم النفس السلوكي إمكانية رفع أداء المعاقين عقلياً من خلال استخدام أساليب التعلم القائمة على التطبيقات التربوية المستخلصة من مبادئ التعلم. عن طريق تحديد دقيق للسلوكيات المستهدفة وترتيب المثيرات الملائمة التي يمكنها استدعاء الاستجابات المطلوبة، وبرمجة التعلم في خطوات صغيرة، مع ضرورة تعزيز الاستجابات المرغوبة واستخدام طرق التدريس المباشر مثل النمذجة والحث وخلافها.

وتؤكد نتائج البحوث المستخلصة من علم النفس السلوكي على استحالة تعليم المهارات التعليمية للمعاقين عقلياً دفعة واحدة، بل يجب تعليمها عن طريق أسلوب التعلم الجزئي من خلال تحليلها إلى مهارات فرعية ثم تدريس كل مهارة فرعية بطريقة منفصلة ثم الانتقال إلى المهارة الفرعية التي تليها وهكذا
إن أنسب أسلوب لتخطيط وتنظيم عملية تعلم التلاميذ المعاقين عقلياً يتمثل في استخدام ما يعرف بأسلوب (فنيات تحليل السلوك التطبيقي) (Applied Behavior Analysis Techniques). وتقوم هذه الاستراتيجية أساساً على تحديد الهدف السلوكي إجرائياً، ثم تحليله إلى خطوات صغيرة متتابعة باستخدام الفنيات المناسبة كالنمذجة والتعزيز لتوصيل المهام التعليمية.

وباستخدام هذه الاستراتيجية المستمدة من النظرية السلوكية الإجرائية يمكن لمعلم التربية الفكرية أن يساعد تلاميذه المعاقين عقلياً في مواجهة الصعوبات والمشكلات التي تقابلهم أثناء تعرضهم للمثيرات المختلفة خلال ما يعرف بمراحل التعلم الثلاث (الإكتساب، الاحتفاظ، تعميم) المهمة التعليمية، والاكتساب هو تعليم الطفل مهارة جديدة من خلال إحضار المعلومة، والتدريب عليها. وتعتبر من أكثر مراحل التعلم التي يواجه فيها الطفل المعاق عقلياً صعوبات ومشكلات، أما الاحتفاظ فهو مدى تذكر المعاق عقلياً للمعلومة التي تم اكتسابها لفترة زمنية لاحقة. أو بعبارة أخرى مدى التأكد من احتفاظه بالمعلومات التي سبق وأن تعلمها، مما يدل على أن هنالك أثراً متبقياً للخبرة الماضية. ومن أجل مساعدة الطالب على الاحتفاظ بالمهمة التعليمية لا بد من تكرار مرات ومرات وفي مناسبات وأوقات متعددة وضمن مواقف جديدة، وتدريب المعاق عقلياً على استخدام الاستراتيجيات التنظيمية التي تساعده على تنظيم المعلومات المقدمة له ومعالجتها بهدف استدعائها في وقت لاحق. أما التعميم فهو تأثير التعليم وانتقال أثره إلى موقف آخر خارج عن نطاق البيئة المدرسية، كالبيت والمجتمع.

ولكي تكون عملية تقدم المعاق عقلياً نحو تحقيق الأهداف الموضوعة له ذات فاعلية فإنه يجب على معلم التربية الخاصة التقييم المستمر بشكل متواصل ومتكرر، والحصول على التغذية الراجعة أثناء تقدم التلميذ، والتأكد من إنجاز التلميذ للهدف التعليمي وإجراء التعديلات الضرورية في الطرق والمواد والأنشطة المستخدمة.
وتهدف عملية التقييم النهائي إلى معرفة الحصيلة النهائية للأهداف التعليمية المتضمنة في البرنامج التعليمي المقدم للطالب. ومن أفضل الطرق التي يمكن أن يستخدمها المعلم للوقوف على الحصيلة النهائية للأهداف التعليمية هي الطريقة المسماة بطريقة القياس القبلي والبعدي (Pretest-teaching-postest) والتي تعتمد على مقارنة أداء الطالب المعاق عقلياً قبل بدء التدريس وبعده. وفيها يحدد المعلم مستوى الأداء الحالي للتلميذ للمهارات المتضمنة في البرنامج التعليمي بناءً على قياس ذلك المستوى في الأداء الحالي، وفق اختبار مبني على أساس من المنهج الدراسي، أو أسلوب الملاحظة المنظمة، ثم يحدد المعلم مستوى الأداء الذي وصل إليه التلميذ في المهارات بعد تدريسها، ويعتبر الفرق بين مستوى الأداء القبلي والبعدي دليلاً على مدى تحقيق المعاق عقلياً للأهداف التعليمية الموضوعة.

روحي عبدات/ اختصاصي نفسي تربوي
إدارة رعاية الفئات الخاصة/ دبي